الموضوع ده كان المفروض يتنشر فى جريدة الفجر ولكن لم ينشر لظروف غامضة عشان كدة بنشره هنا
أنا عامل التحقيق ده مع واحد زميلى
وسليلة الزهراء بصفة أحمد نور الوجود وسيد الثقلين
نسب كريم للفصيحة زينب شمس الضحى وكريمة الدارين
حاورنا العديد من البائعين الذين يحيطون بالمسجد ، ويقومون ببيع كل بضائع المولد ، مثل حلويات المولد وألعاب الأطفال والسبح وروائح المسك والملابس والأقمشة
أول هؤلاء البائعين هو عم ( مسعود ) يقوم ببيع حلويات المولد حيث قال لنا انه من القاهرة ومن منطقة السيدة زينب أيضا ، ويقوم بتغيير بضاتع حسب الموسم ، ففى رمضان يبيع الأدوات المنزلية ، وفى العيد يبيع الفسيخ والرنجة ، أما فى الموالد فيبيع حلويات المولد ، حيث قال ان هذه الأوقات تجلب الرزق الوفير لأصحاب البضائع ، أما معظم البائعين فى المنطقة فيأتون من طنطا وسوهاج
انتقلنا الى بائع اخر يبيع السبح والمسك ، حيث جاء من مدينة طنطا خصيصا للبيع فى أيام الموالد ، حيث ان الرزق وفير وحركة البيع و الشراء عالية
وعندما سألناه اذا كان يمارس هذا النشاط فى طنطا أيضا قال ان هذا عمله الدائم حيث يبيع السبح والمسك أمام مسجد السيد البدوى خصوصا أيام مولده
ينتقل هذا البائع الى كل الموالد للبيع مثل مولد السيدة نفيسة والسيدة عائشة وسيدنا الحسين رضوان الله عليهم
دخلنا الى مسجد السيدة زينب ولاحظنا أن معظم الجالسين من كبار السن ممن تخطوا الخمسين عاما ، أما الشباب فهم قليلون ، ويطوف على الجالسين عدد من الخادمين يحملون ( قرب ماء ) مثل السقا فى القرن الماضى لسقاية الزوار،ومعظمهم يرتدى الزى الأخضر الذى يشير الى الطرق الصوفية ، ولاحظنا شيئا غير معتاد فى أى مسجد اخر ، وهو أن جزءا كبيرا من الجالسين يعطى ظهره للقبلة ووجهه للمقام داخل المسجد ، ومعظمهم يتوجه بالدعاء الى المقام بدلا من القبلة ، اعتقادا منهم انه من غير المقبول أن تعطى ظهرك ل (أم العواجز) ا
معظم زائروا المقام يقومون بالتمسح بالحديد وتقبيله بشدة ، وتقوم النساء بالبكاء أمام الضريح ، العجيب أن شيخ المسجد لايتدخل ولا ينهاهم عما يفعلونه رغم أنه رجل دين وعالم ودارس للفقه والشريعة ومن خريجى الأزهر الشريف ويقدم البرامج فى اذاعة القران الكريم ، حاولنا التحاور معه ولكننا لم نستطع بسبب انشغاله فى ندوة عقب صلاة العشاء بمناسبة المولد
أحد خادمى المسجد من مدينة المنصورة ، يقول أنه يأتى الى هنا كل عام للاحتفال وخدمة الفقراء والمحتاجين ، وهى تمثل له عادة سنوية لا يستطيع الاستغناء عنها ، وهى شىء روحانى نابع من القلب ، وأن من المهم عمل الخير لمجرد فعل الخير ، واستشهد على ذلك بالعديد من القصص من العصر النبوى ، ومن الملاحظ أن معظم المحتفلين من الأرياف ذووا العقليات المحدودة
ليس كل رواد المسجد مسرورين من وجود المولد ، فأحد المواطنين من مدينة نصر يبدو ساخطا بشدة على مظاهر المولد حيث قال ( لم أكن أعرف أن هناك مولد ، ولو كنت أعرف ماكنت جئت) وعندما سألته عن السبب قال ان المسجد يمتلىء بمن وصفهم ب(المقاطيع) والأشكال التى وصفها بأنها ( زبالة بنت كلب )وأنه قد تشاجر مع اثنين خارج المسجد ، أما سبب مجيئه الى هنا فهو أنه يأتى بوالدته الى المسجد كل فترة ، حيث تحب المجىء كل فترة الى المسجد
أما بعد صلاة العشاء ، تقام حلقات الذكر داخل المسجد ، وترتفع الأصوات بالذكر والابتهالات ، مما يذكرنا بروايات الأديب العالمى نجيب محفوظ رحمه الله والعصر الذى عاش فيه واستطاع بمهارة فائقة نقل هذه الأجواء الينا فى رواياته ، ذلك العصر الذى تقلصت ملامح وجوده وانحصرت فى مظاهر قليلة أبرزها هذا المولد وجوه الساحر رغم مايشوبه من أخطاء ولكنه ساحر ، ساحر الى أقصى درجة
أما خارج المسجد ، فتقام عدة سرادق يوزع فيها الطعام للفقراء والمحتاجين ، ويأتى الفقراء خصيصا فى تلك الأيام لأخذ المساعدات
فى احدى الزوايا يجلس ثلاثة رجال يقومون بذكر الله بين صلاتى المغرب والعشاء ، قال لنا أحدهم أنه قد أتى من محافظ أسيوط للمشاركة فى الاحتفال وحلقات الذكر بعد صلاة العشاء ، ويقضى اليوم كله بالمسجد ، ويأكل فى سرادق الطعام المقامة خارج المسجد
يوجد داخل المسجد رجل يقوم بتجميع عدد من الأطفال، وتسريحهم ليأتوا اليه بالأموال والطعام ، حيث يعتبرهم المصلين بركة المكان ويجزلون لهم العطاء
وقد تحول المسجد الى فندق من كثرة المصلين النائمين فيه بين الصلوات، أما الأطفال فيلعبون حول أهلهم خاصة ويعتبرونها ساحة للهو واللعب
خارج المسجد تقف عدد من عربات الشرطة وعربة للمطافىء تحسبا لحدوث أى مفاجأة ، حيث يقع قسم السيدة زينب على بعد أمتار قليلة من المسجد
تنتشر اللافتات لتهنئة ساكنى الحى والزوار بالمولد، ومن أشهر هذه اللافتات لافتة للدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب يهنىء فيها أهل دائرته بالمولد
أثناء المولد يوجد مكان للجميع حتى المجاذيب الذين ينتشرون بلباسهم المبهرج وصيحاتهم (مدد يام هاشم ، صلى على النبى ، اذكر الله ) ويقومون بالطواف حول المقام والمسجد حيث يعتبرهم الزوار مبروكين
الليلة الكبيرة
يستمر الاحتفال بالمولد عدة أيام قبل يوم المولد الأصلى أو ما يطلق عليه ( الليلة الكبيرة ) ، تلك الليلة تختلف عما قبلها، حيث لا مكان للسيارات و المركبات من شدة الزحام ، زحام رهيب يحاصر المنطقة كلها ، ويمتنع سائقو المواصلات عن الدخول الى المنطقة لعدم وجود أى منفذ للدخول ، كما أن الشرطة تضع حواجز لغلق الطرق وتحويلها الى طرق أخرى وقد جلس عدة ضباط أمام الميدان لمتابعة الاحتفال والاستعداد لأى طارىء
شارع السد المجاور للمسجد مكتظ بالزوار بدرجة كبيرة جدا ، من بداية مستشفى أبو الريش وحتى المسجد لا يمكن لأى سيارة أن تدخل ، وجميع أوتوبيسات النقل العام غيرت مسارها واكتفت بانزال الركاب عند المستشفى ومن يريد رالوصول للمسجد عليه الوصول سيرا على الأقدام
الاحتفال ممتد من المسجد وحتى مديرية أمن القاهرة فى منطقة باب الخلق ، أما ميدان السيدة زينب نفسه فاحتلته عربات البائعين الذين يبيعون كل مايخطر على البال ، من ملابس وأقمشة وسبح ومسك وبقلاوة وهريسة وبسبوسة وحمص وكنافة وحتى الطرابيش تجد من يبيعها ، بالاضافة الى الألعاب مثل النيشان والمراجيح التى يلتف حولها الزبائن
كماتنتشر عدة فرق شعبية تقوم بالغناء والتطبيل والزمر والرقص
تحولت ساحة انتظار السيارات قرب المسجد الى مايشبه المقهى ،فقد قام الزوار بافتراشها والجلوش وشرب الشاى والقهوة وتدخين الشيشة والجوزة وأكل الأطعمة المختلفة
وتنطلق الابتهالات بصوت عال من الميكروفونات المتعددة وذكر ال بيت النبى محمد صلى الله عليه وسلم
معظم المحال التجارية حول المسجد أغلقت أبوابها بسبب الزحام الشديد ، كماتوجد عربتا اسعاف مجهزتين تحسبا لأى طارىء أو حدوث أى حادثة أو حريق ، ووضعت المقاهى كراسى كثيرة اضافية لاستيعاب الاقبال الشديد
مولد مختلف
يعتبر مولد السيدة زينب مختلفا عن الموالد الأخرى ، فلا يمكنك أن ترى هذا الزحام الرهيب الا فى هذا المولد ، بسبب مكانة السيدة زينب رضى الله عنها عند المصريين ، ووقوع المسجد فى منطقة شعبية بجوار منطقة قلعة الكبش ، كما أنها ليست منطقة سياحية كالحسين كى يكون الاحتفال محكوما بذلك ، لذلك يعتبر هذا المولد أكبر احتفال فرد من أفراد آل البيت رضوان الله عليهم
يمتد الاحتفال قويا صاخبا حتى صلاة الفجر ، بعدها يبدأ كل شخص فى العودة من حيث أتى ، ويأخد البائعون بضاتعم ويرحلون ، الاأن البعض يبقى لفترة بعد انتهاء المولد ليحاول البيع أكثر وأخذ شيئا من البركة فى حضرة أم هاشم
مصر سنية المذهب ...شيعية الهوى
مقولة شهيرة تتجسد معانيها فى موالد أفراد آل البيت فى مصر ، حيث تتجلى مظاهر حب المصريين لآل بيت النبوة وتقديسهم لهم ، فبجانب مولد السيدة زينب هناك مولد السيدة نفيسة ومولد السيدة عائشة ومولد سيدنا الحسين رضوان الله عليهم وتكاد تتشابه مظاهر الاحتفال فى تلك الموالد مع بعضها
الا أن مولد السيدة زينب يحظى كما قلنا من قبل بمكانة خاصة لدى المصريين فالاحتفال يستمر لعدة أيام ، وينتشر الذاكرون ليذكروا ألقابها العديدة مثل ( المصباح المنير ، شمس الضحى ، كريمة الدارين ، الأم الرءوم ، العقيلة الطاهرة أم العواجز ، رئيسة الديوان) ونختم باقتباس من اللوحة المعلقة على أحد جدران المسجد تصف السيدة زينب بأنها (علم خفاق على الدوام يخفق مع أنفاس الحياة بكل ألوان العزة الاسلامية وكرامة الانسان فى ظل الراية المحمدية وآية النجاح والايمان)ا
أسامة الرشيدى
أكرم سامى